فصل: سنة اثنتين وخمسين وست مائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر (نسخة منقحة)



.سنة اثنتين وخمسين وست مائة:

فيها تسلطن الملك المعز أيبك وشال من الوسط الملك الأشرف.
وذلك بعد ما قتل الفارس أقطايا وهربت البحرية إلى الشام ورأسهم سيف الدين بلبان الرشيدي وركن الدين بيبرس البندقداري.
فبالغ الملك الناصر في إكرامهم وقووا عزمه ولزوه في المسير إلى مصر ليأخذها فإن العسكر مختبط.
فجهز جيشًا عليهم تورانشاه ابن السلطان صلاح الدين.
فساروا إلى غزة فخرج صاحب مصر المعز وقصدهم فلم يتم حال.
وفيها توفي الرشيد العراقي أبو الفضل إسماعيل بن أحمد بن الحسين الحنبلي الجابي بدار الطعم.
كان أبوه فقيهًا مشهورًا.
سكن دمشق واستجاز لابنه من شهدة والسلفي وطائفة.
فروى الكثير بالإجازة.
توفي قينصف جمادى الأولى.
وأقطايا الأمير فارس الدين التركي الصالحي النجمي.
كان موصوفًا بالشجاعة والكرم.
اشتراه الصالح بألف دينار.
فلما اتصلت السلطنة إلى رفيقه الملك المعز بالغ أقطايا في الإدلال والتجبر وبقي يركب ركبة ملك تزوج بابنة صاحب حماة وقال للمعز: أريد أعمل العرس في قلعة الجبل فأخلها لي.
وكان يدخل الخزائن ويتصرف في الأموال.
فاتفق المعز وزوجته شجرة الدر عليه ورتبا من قتله.
وأغلقت أبواب القلعة فركبت مماليكه وكانوا سبع مائة وأحاطوا بالقلعة فألقي إليهم رأسه فهربوا وتفرقوا.
وكان قتله في شعبان.
وشمس الدين الخسروشاهي أبو محمد عبد الحميد بن عيسى التبريزي المتكلم.
ولد سنة ثمانين وخمس مائة ورحل فاشتغل على فخر الدين الرازي وسمع من المؤيد الطوسي وتقدم في علم الأصول والعقليات وقدم الشام وأقام مدة بالكرك عند الناصر.
وله يد طولى في الفلسفة.
توفي في الخامس والعشرين من شوال.
ومجد الدين بن تيمية شيخ الإسلام أبو البركات عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد الحراني الحنبلي.
ولد على رأس التسعين وخمس مائة ورحل إلى بغداد وهو مراهق في صحبة ابن عمه السيف عبد الغني.
فقرأ القراءات على عبد الواحد بن سلطان وسمع من عبد الوهاب بن سكينة وضياء ابن الخريف وطائفة.
وتفقه على أبي بكر ابن غنيمة وانتهى إليه وعيسى بن سلامة بن سالم أبو الفضل الحراني الخياط المعمر.
ولد في آخر شوال سنة إحدى وخمسين وخمس مائة وسمع من أحمد بن الوفاء الصائغ.
وأجاز له ابن البطي وأبو بكر بن النقور ومحمد بن محمد بن السكن وجماعة.
وانفرد بالرواية عنهم.
نوفي في أواخر هذه السنة.
والناصح فرج بن عبد الله الحبشي الخادم مولى أبي حعفر القرطبي وعتيق المجد البهنسي.
سمع الكثير من الخشوعي والقاسم وعدة.
وكان صالحًا كيسًا متيقظًا.
وقف كتبه وعاش قريبًا من ثمانين سنة.
توفي في شوال.
والكمال محمد بن طلحة أبو سالم النصيبيني الشافعي المفتي.
رحل وسمع بنيسابور من المؤيد وزينب الشعرية وكان رئيسًا محتشمًا بارعًا في الفقه والخلاف.
ولي الوزارة مرة ثم زهد وجمع نفسه.
توفي بحلب في رجب وقد جاوز السبعين وله دائرة الحروف ضلال وبلية.
ومحمد بن علي بن بقاء أبو البقاء بن السباك البغدادي.
سمع من أبي الفتح بن شاتيل ونصر الله القزاز وجماعة.
توفي في شعبان.
والسديد مكي بن المسلم بن مكي بن خلف بن علان القيسي الدمشقي المعدل آخر أصحاب الحافظ أبي القاسم بن عساكر وفاة.
وتفرد أيضًا عن أبي الفهم عبد الرحمن بن أبي العجائز وأبي المعالي بن خلدون.
توفي في العشرين من صفر عن تسع وثمانين سنة.

.سنة ثلاث وخمسين وست مئة:

فيها توفي الشهاب القوصي أبو المحامد وأبو العرب إسماعيل بن حامد بن عبد الرحمن الأنصاري الخزرجي الشافعي وكيل بيت المال.
ولد في المحرم سنة أربع وسبعين بقوص ورحل إلى مصر سنة تسعين ثم إلى دمشق فسكنها.
روى عن إسماعيل بن ياسين والأرتاحي والخشوعي وخلق كثير.
وخرج لنفسه معجمًا في أربع مجلدات كبار فيه غلظ كثيرز وكان أديبًا أخباريًا فصيحًا مفوهًا بصيرًا بالفقه.
توفي في ربيع الأول ودفن بداره التي وقفها دار حديث.
وسيف الدين القيمري صاحب المارستان بالجبل.
كان من جملة الأمراء وأبطالهم المذكورين.
توفي بنابلس ونقل فدفن بقبته التي بإزاء المارستان.
وصقر بن يحيى بن سالم بن يحيى بن عيسى بن صقر المفتي الإمام المعمر ضياء الدين أبو محمد الكلبي الشافعي.
ولد قبل الستين وخمس مائة وروى عن يحيى الثقفي وجماعة.
نوفي في صفر بحلب.
والنظام البلخي محمد بن محمد بن محمد بن عثمان الحنفي نزيل حلب.
ولد ببغداد سنة ثلاث وسبعين وتفقه بخراسان وسمع صحيح مسلم من المؤيد الطوسي.
وكان فقيهًا مفتيًا بصيرًا بالمذهب.
توفي بحلب في جمادى الآخرة.
والنور البلخي أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أحمد بن خلف المقرئ بالألحان.
ولد بدمشق سنة سبع وخمسين وخمس مائة وسمع بالقاهرة من التاج المسعودي واجتمع بالسلفي وأجاز له.
وسمع بالإسكندرية في سنة خمس وسبعين من المطهر الشحامي.
توفي في الرابع والعشرين من ربيع الآخر وكان صالحًا خيرًا.

.سنة أربع وخمسين وست مائة:

فيها كان ظهور النار بظاهر المدينة النبوية.
وكانت آية من آيات ربنا الكبرى.
لم يكن لها حر على عظمها وشدة ضوئها.
وهي التي أضاءت لها أعناق الإبل ببصرى وبقيت أيامًا وظن أهل المدينة أنها القيامة وضجوا إلى الله بالدعاء وتواتر أمر هذه الاية.
وفيها كان غرق بغداد.
وزادت دجلة زيادة ما سمع بمثلها وغرق خلق كثير ووقع شيء كثير من الدور وأهلها وأشرف الناس على الهلاك وبقيت المراكب تمر في أزقة بغداد وركب الخليفة في مركب وابتهل الخلق إلى الله بالدعاء.
وفي أول رمضان احترق مسجد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من مسرجة القوام وأتت النار على جميع سقوفه ووقعت بعض السواري وذاب الرصاص وذلك قبل أن ينام الناس.
واحترق سقف الحجرة ووقع بعضه في الحجرة.
وفيها كان خروج الطاغية هولاوو.
فاخذ قلعة الألموت وغيرها وغاث بنواحي الري وسار ناجونورين بأمره إلى الروم.
فهرب صاحبها.
وملكت التتار سائر الروم بالسيف.
وتوجه الكامل محمد بن غازي صاحب ميافارقين إلى خدمة هولاوو فأكرمه وأعطاه الفرمان.
ثم نزل هولاوو أذربيجان عازمًا على قصد العلااق.
فجاء رسول الخلافة الباذرائي إلى الناصر بأن يصالح المعز ويتفقا على حرب التتار.
فأجاب الناصر وأمر عسكره بالمجيء من غزة.
وفيها توفي ابن وثيق شيخ القراء أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن الأموي الإشبيلي المجود الحاذق.
ولد سنة سبع وستين وخمس مائة وذكر أنه قرأ القراءات السبع بالكافي وغيره سنة سبع وتسعين علي غير واحد من أصحاب أبي الحسن شريح وأن أبا عبد الله بن زرقون أجاز له.
فروى عنه التيسير بالإجازة.
قال: أنبأنا أحمد بن سسمحمد الخولاني عن الداني.
تنقل ابن وثيق في البلاد وأقرأ بالموصل والشام ومصر.
وكان عالي الإسناد.
توفي بالإسكندرية في ربيع الآخر.
والعماد بن النحاس الأصم أبو بكر بن عبد الله بن أبي المجد الحسن ابن الحسن بن علي الأنصاري الدمشقي.
ولد سنة اثنتين وسبعين وخمس مائة وسمع من أبي سعد بن أبي عصرون.
وكان آخر من روى عنه ومن الفضل ابن البانياسي ويحيى الثقفي وجماعة.
وسمع بنيسابور من منصور الفراوي وبإصبهان من علي بن منصور الثقفي , وكان ثقة خيرًا نبيلًا به صمم مفرط.
سمع الناس من لفظه ومات في الثاني والعشرين من صفر.
ونجم الدين الرازي العارف شيخ الطريق أبو بكر عبد الله بن محمد بن شاهاور الأسدي الصوفي.
ولد سنة ثلاث وسبعين وخمس مائة وأكثر التطواف والأسفار وصحب الشيخ نجم الدين الكبرى الخيوقي وسمع الكثير من منصر الفراوي وأبي بكر عبد الله بن إبراهيم الشحاذي وطبقتهما.
وهو من شيوخ الدمياطي توفي ببغداد في شوال.
وشمس الدين عبد الرحم بن نوح بن محمد المقدسي مدرس الرواحية وأجل أصحاب ابن الصلاح وأعرفهم بالمذهب.
توفي في ربيع الآخر وقد تفقه به جماعة.
والشيخ عيسى بن أحمد بن إلياس اليونيني الزاهد صاحب الشيخ عبد الله.
زاهد عابد صوام قوام خائف قانت متبتل منقطع القرين صاحب أحوال وإخلاص غلا أنه كان حاد النفس.
ولذلك قيل له سلاب الأحوال.
وكان خشن العيش في ملبسه ومأكله.
توفي في ذي القعدة ودفن بزاويته بيونين.
وكان كلمة إجماع بين البعلبكيين.
وابن المقدسية شرف الدين أبو بكر محمد بن الحسن بن عبد السلام التميمي السفاقسي الأصل الإسكندراني المالكي.
ولد في أول سنة ثلاث وسبعين وأحضره خاله الحافظ ابن المفضل قراءة المسلسل بالأولية عند السلفي.
واستجازه له ثم أسمعه من أحمد بن عبد الرحمن الحضرمي وغيره.
توفي في جمادى الولى.
وله مشيخة خرجها منصور بن سليم الحافظ.
والكمال بن الشعار أبو البركات المبارك بن أبي بكر بن حمدان الموصلي مؤلف عقود الجمان في شعراء الزمان توفي بحلب.
ومجير الدين يعقوب ابن الملك العادل.
أجاز له أبو روح الهروي وطائفة ويلقب باملك المعز.
توفي في ذي القعدة.
ودفن بالتربة عند أبيه.
وابن الجوزي العلامة الواعظ المؤرخ شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قزأغلي التركي ثم البغدادي العوني الهبيري الحنفي سبط الشيخ جمال الدين أبي الفرج بن الجوزي.
سمعه جده منه ومن ابن كليب وجماعة.
وقدم دمشق سنة سبع وست مائة فوعظ بها وحصل له القبول العظيم للطف شمائله وعذوبة وعظه.
وله تفسير في تسعة وعشرين مجلدًا وشرح الجامع الكبير وجمع مجلدًا في مناقب أبي حنيفة ودرس وأفتى وكان في شبيبته حنبليًا.
توفي في الحادي والعشرين من ذي الحجة.
وكان وافر الحرمة عند الملوك.

.سنة خمس وخمسين وست مائة:

وفيها ترددت رسل هولاوو وفر أمينه إلى بغداد إلى ناس بعد ناس والمستعصم لايدري بشيء ولو درى لما درأ.
وفي رمضان بعث الملك الناصر ولده الملك العزيز وهو صبي مع ثقة الدين الحافظي في الرسلية إلى هولاوو بتحف وتقادم.
وفيها كانت فتنة السنة والرافضة ببغداد أدت إلى نهب وخراب وقتل جماعة وذلت الرافضة وأوذوا.
وفيها غضب الملك الناصر من البحرية وتخوفهم وقطع أخبازهم ففارقوه وساروا إلى غزة وانتموا إلى الملك المغيث صاحب الكرك وخطبوا له بالقدس.
ثم حصل انتصار عليهم فانهزموا إلى البلقاء ثم ساروا إلى مصر وخربوا بلادها.
وفيها توفي ابن باطيش العلامة عماد الدين أبو المجد إسماعيل بن هبة الله بن سعيد الموصلي الشافعي.
ولد سنة خمس وسبعين وسمع ببغداد من ابن الجوزي وطائفة وبحلب من حنبل ودرس وأفتى وصنف.
له كتاب طبقات الشافعية وكتاب المغني في غريب المهذب.
وكان عارفًا بالأصول قوي المشاركة في العلوم.
توفي في جمادى الآخرة.
والمعز عز الدين أيبك التركماني الصالحي صاحب مصر جهاشنكير الملك الصالح.
كان ذا عقل ودين وترك للمسكر.
تملك في ربيع اآخر سنة ثمان وأربعين.
ثم أقاموا معه باسم السلطنة الأشرف يوسف بن أقسيس وله عشر سنين , وبقي المعز أتابكه.
وهذا بعد خمسة أيام من سلطنة المعز.
فكان يخرج التوقيع وصورته: رسم بالأمر العالي السلطاني الأشرفي والملكي المعزي.
ثم بطل أمر الأشرف بعد مديدة وجرت لأيبك أمور إلى أن خطب ابنة صاحب الموصل.
فعادت أم خليل وقتلته في الحمام فقتلوها وملكوا ولده عليًا وله خمس عشرة سنة.
وصار أتابكه علم الدين سنجر الحلبي.
وذلك في ربيع الأول ومات المعز كهلًا.
وشجرة الدر أم خليل كانت بارعة الحسن ذات ذكاء وعقل ودهاء.
فأحبها الملك الصالح.
ولما توفي أخفت موته وكان تعلم بخطها علامته.
ونالت من السعادة اعلى الرتب بحيث إنها خطب لها على المنابر وملكوها عليهم أيامًا فلم يتم ذلك.
وتملك المعز وتزوج بها.
وكانت ربما تحكم عليه.
وكانت تركية ذات شهامة وإقدام وجرأة.
وآل أمرها إلى أن قتلت وألقيت تحت قلعة مصر مسلوبة ثم دفنت بتربتها.
والباذرائي العلامة نجم الدين أبو محمد عبد الله بن أبي الوفاء محمد بن الحسن الشافعي الفرضي.
ولد سنة أربع وتسعين وسمع من عبد العزيز بن منينا وجماعة.
وبرع في المذهب ودرس بالنظامية ثم ترسل عن الخلافة غير مرة.
وبنى بدمشق مدرسة كبيرة.
وولي في آخر ايامه قضاء العراق خمسة عشر يومًا.
ومات في أول ذي القعدة.
وكان متواضعًا دمث الأخلاق واليلداني المحدث المسند تقي الدين عبد الرحمن بن أبي الفهم عبد المنعم بن عبد الرحمن الشافعي.
ولد بيلدان في أول سنة ثمان وستين وطلب الحديث وقد كبر فرحل وسمع من ابن كليب وابن بوش وطبقتهما.
وكتب الكثير وذكر أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال له في النوم: أنت رجل جيد.
توفي بقريته وكان خطيبها في ثامن ربيع الأول.
والمرسي العلامة شرف الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الفضل اسلمي الأندلسي المحدث المفسر النحوي.
ولد سنة سبعين في أولها وسمع الموطأ من أبي محمد بن عبيد الله ورحل إلى أن وصل إلى أقصى خراسان وسمع الكثير من منصور الفراوي وأبي روح والكبار.
وكان كثير الأسفار والتطواف جماعة لفنون العلم ذكيًا ثاقب الذهن وله تصانيف كثيرة مع زهد وورع وفقر وتعفف.
سئل عنه الحافظ الضياء فقال: فقيه مناظر نحوي من أهل السنة.
صحبنا وما رأينا منه إلا خيرًا.
قلت: توفي في نصف ربيع الأول في الطريق ودفن بتل الزعقة.